في فترة الثمانينات بشكل خاص ، كان محمد بيش إسما وازنا بإقليم بنسليمان، يعرفه ذوي المهام المتعددة وأصحاب "النشاط" كذلك. كان صاحب الفندق الوحيد بالمدينة(فندق دولور) ، به حانة للخمر ومن هنا انطلقت متاعبه. كانت هذه الحانة تذر عليه أموالا كثيرة،لكنها في نفس الوقت كانت سبب متاعبه ومشاكله الصحية،بل وفاته. مسؤولية محمد بيش تفرقت بين واجهتين،الأولى رياضية والثانية انتخابية،ولابد من الوقوف على كل مرحلة بتفصيل.
1- المحطة الرياضية...
لقد عاش فريق حسنية بنسليمان فترة مجده الكروي في عهد رئاسة محمد بيش، فلم يكن يتلقى دعم مئات الملايين لكي ينفق قسطا منها ويحتفظ بالباقي،بل كان بمثابة المستشهر المباشر لفريق الحسنية، وكم هي المباريات الحاسمة التي فاز فيها فريق الحسنية ويدخل بيش لمستودع الملابس ويمنح اللاعبين المنحة قبل الإستحمام. وكم من مرة بكى محمد بيش لانتصارات الحسنية، مع العلم أن الفريق كان حينذاك يلعب بالقسم الثاني المؤدي للقسم الأول والمسمى حاليا بقسم البطولة الإحترافية، فكان يلعب حينذاك مع الإتحاد البيضاوي وأولمبيك خريبكة وشباب المحمدية واتحاد المحمدية والرشاد البرنوصي... ومن مميزات محمد بيش أنه كان رجل الكرم،فخلال المباريات المحلية تجد عشرات الرياضيين من مدن أخرى يتنقلون لمدينة بنسليمان، ومباشرة بعد اللقاء يخصهم بيش باستقبال خاص ينتهي بعشاء من النوع الرفيع..
2- الجانب الإنتخابي...
ترأس محمد بيش بلدية بنسليمان، وكانت له العديد من المميزات بالرغم من مستواه التعليمي المتواضع،فكان يلازم المكتب يوميا ببلدية بنسليمان، ويواجه المواطنين بإيجاد حلول لمشاكلهم، ولا يتوانى في دعم الفقراء والمعوزين... ولم يكن ، يقبل تعليمات السلطات، وهذه من الأمور التي أدى ثمنها في آخر المطاف،خاصة وأنه عايش الباشا الجعايدي الذي اتسم بالعجرفة والتسلط، وكان هو سبب محن محمد بيش في آخر المطاف.
3- محن محمد بيش ومأساته...
لم يكن المال الوفير دوما هو مصدر السعادة، ذالك ما انطبق على محمد بيش،حيث كان عنيدا في تنفيذ القرا رات، وهكذا تحين له خصومه فرصة الإطاحة به(رجال السلطة). الإطاحة الأولى، تمت ليلة وفاة الأمير مولاي عبدالله،حيث بقيت حانة "دولور" مفتوحة، ليتم تطويقها برجال الدرك ويتم اعتقاله رفقة جاره الزموري. وتمت إدانتهما بالسجن لمدة سنة ونصف. وكانت هذه المرحلة هي بداية متاعبه الصحية، حيث أصابه داء السكري والقلب. إلا أن الضربة القاضية في حياته الإنتخابية تمت حينما غير دائرته الإنتخابية من حي الفرح وترشح بالحي العسكري،حيث لايسمح بالتصويت إلا للنساء والشباب، فتم تسجيل أكبر مفاجأة، وذلك بهزيمة محمد بيش أمام شاب عاطل عن العمل، وهذه الخطة كانت مدروسة للإنتقام من محمد بيش الذي لم يكن يساير التعليمات. وبقي محمد بيش على هذا الحال إلى أن توفي سنة1991.
وتركت وفاته الأثر البليغ في نفوس الأسر المعوزة التي كان سندا لها،وتركت فراغا في مسار فريق حسنية بنسليمان لكونه، كان معيلا لها على الواجهة المادية بشكل غير مسبوق،ولم يسبق لأي كان أن أنفق من ماله الخاص بالشكل الذي قام به محمد بيش. ومن مميزات مجمد بيش أنه مصدر انتقادات الصحافة المحلية وكان يتقبلها بصدر رحب ،ولم سيبق له ان ثار في وجهها أو تقدم بشكاية للقضاء من أجل إسكاتها. وفي هذه الأيام الرمضانية الفضيلة نطلب له الرحمة والمغفرة.