شيد ميديا: خليل أبوفدوى
كل المغاربة يتأسفون عن الزمن الجميل للصحافة الورقية...زمن اتسمت فيه الصحافة المغربية بمصداقية الخبر وجرأة في الكتابة وبلاغة لغوية كبيرة... فمن عاش تجربة الإعلام الورقي لعهد الثمانينات والتسعينات، يستشعر سلطة الصحافة المقننة بحدود الأخلاق المهنية،لم تكن المقالات تكتب لتصفية الحسابات، ولم تكن تكتب من أجل الإسترزاق، ولكن كانت تكتب من أجل المصلحة العامة ونصرة القرارت النزيهة وإعطاء المستضعفين حقوقهم.. كم هو العدد الهائل من رجال السلطة والأمن ورجال الدرك الذين كانت نهايتهم المهنية بمقال لا يفوق عدد سطوره الخمسة... من يتذكر واقعة باشا خنيفرة الذي قص شعر "شيخات" بالمنطقة بسبب عدم مشاركتهم في حفل بمناسبة وطنية... وبمجرد كتابة مقال في الموضوع ، قررت وزارة الداخلية مسحه من سجل موظفيها.. ومن يتذكر عاملا بالجديدة،كانت كاتبته الخاصة تتحكم في المواعيد، وبمجرد كتابة مقال في صدر جريدة حزبية وازنة، هرولت لجنة من وزارة الداخلية لمقر عمالة الجديدة وطردت العامل وكاتبته... والأمثلة كثيرة ومتعددة.. جاءت الصحافة المستقلة،كان إحداثها بمثابة تحول إيجابي جديد لايخلو من أهمية، لكون الصحافة الحزبية كانت تتستر عن أبنائها، لكن،مع توالي الأيام،أصبحت الصحافة المستقلة مهتمة بالفضائح والأخبار المثيرة،وهذا أمر اغضب القارىء المغربي... جاءت الصحافة الإلكترونية، ولاينكر اي احد ما لها من دور فعال في سرعة الخبر،لكن واكبت هذه الموجة الجديدة مجموعة من السلبيات الكبيرة،حيث أصبح مجموعة من المرتزقة والوصوليين والفضوليين يحملون صفة الصحفي... من دون مستوى تعليمي ومن دون مستوى مهني ومن دون كفاءة أخلاقية... من دون نسيان وجود كفاءات نقيضة لهذه الفئة تستحق التقدير والتنوية،لكن نسبتها أقل وبقليل من ماهو مرسوم في الساحة الإعلامية الوطنية... أصبحت البطاقة المهنية للصحافة في جيب الجزار والخضار والسمسار... وامصيبتاه!!!! ....فمن المسؤول عن هذا الواقع، إنه سؤال يطرح على من يتحكمون في المشهد الإعلامي على مستوى الوزارة والمهنة ككل... اليوم، جاء وباء "كورونا"، وتم إصدار قرار حجب صدور الصحافة الورقية،وذلك من أجل تفادي التجمعات والتقارب بين العاملين... ودخلت الصحافة الورقية عالم الرقمنة وهي تصدر عبر رابط إلكتروني... وهي طريقة سهلة في الصدور والتعامل،والكل يتساءل حاليا: هل حفرت "كورونا" قبر الصحافة الورقية؟. وبلغة أخرى،فهل انتهى عهد زمن التصفح الورقي للجرائد الوطنية؟،إنه أمر مؤسف، ومشهد يثير القلق، وذلك خوفا على مصدر رزق العديد من المستخدمين والعمال والإعلاميين... إنها صيرورة الحياة التي كلها مفاجآت لاتخلو من حقائق صادمة....