فاجعة مؤلمة تلك التي حلت، مساء اليوم الثلاثاء، بالساحة الفنية المغربية، بعد أن قضى الفنان مصطفى الجلبي نحبه في قسم الإنعاش بمستشفى ابن رشد بالدارالبيضاء، حيث كان يرقد جراء الحروق الخطيرة التي أصيب بها وزوجته، بعد أن التهمت جسديهما النيران في حريق شب في بيتهما بمدينة الجديدة.
هذا، وكان للجريدة اتصال، مساء اليوم، مع زوجة الفنان الراحل مصطفى الجلبي. حيث حملت المسؤولية في وفاة زوجها، بعد قضاء الله وقدره، إلى الإهمال الطبي الذي عانى منه طيلة الفترة التي لزم فيها سرير المرض، داخل قسم الإنعاش بمستشفى "موريزكو" بالدارالبيضاء.
وقد أبدت الزوجة المكلومة استياءها من لامبالاة المسؤولين والسلطات بالجديدة، الذين لم بولوا أي اهتمام بزوجها.
إلىذلك، وسيوارى جثمان الفقيد، الفنان مصطفى الجلبي، غدا الأربعاء، في المقبرة بعاصمة دكالة.
وبالرجوع إلى النازلة التي كان للجريدة السبق في نشر وقائعها، فإن منزل الممثل المقتدر، مصطفى الجلبي، الكائن عند البوابة الخلفية، باب دوز، من الحي البرتغالي (الملاح) بعاصمة دكالة، اهتز، مساء الأحد 3 يونيو 2018، حوالي ساعة عن موعد أذان الإفطار الرمضاني، على وقع انفجار قنينة غاز من الحجم الصغير. ما ألحق به وبزوجته حروقا خطيرة، استعدت نقلهما على وجه السرعة إلى المستشفى الإقليمي بالجديدة.
هذا، وقد أحدث الانفجار المدوي حالة استنفار أمني. حيث انتقلت إلى مسرح النازلة تعزيزات أمنية بالزيين الرسمي والمدني، على رسها المسؤول الأمني الإقليمي الأول، وعناصر من المصلحة الإقليمية للشرطة القضائية، ومن الدائرة الأمنية، صاحبة الاختصاص الترابي، وكذا، من جهاز "الديستي"، والسلطة المحلية.
إلى ذلك، ففي الوقت الذي ينزل فيه الملك محمد السادس، الفنانين مقام التشريف، ويشملهم، سيرا على نهج والده المغفور له الحسن الثاني، بعطفه المولوي، ويكرمهم بالأوسمة ملكية ورسائل الشكر، كما فعل جلالته مع الفنانة دنيا باطما، والفنان الصويري.. فإن مسؤولينا في مدينة الجديدة، من سلطات إقليمية، وقائمين على تدبير الشأن العام، وحتى الساهرين على الحقل الفني والثقافي، يتنكرون للفنانين، ولا يعيرون أي اهتمام، لا في الأوقات العصيبة، التي يمرون منها، ولا حتى عند حدوث مآس وكوارث قد تعجل برحيلهم إلى دار البقاء. ولعل هذا ما يمكن لمسه من حالة الممثل المسرحي والسينمائي المقتدر، مصطفى الجلبي. حالة إنسانية "لاإنسانية"، هي وصمة عار على جبين من تقلدوا مناصب المسؤولية، ومن وضع فيهم جلالته ثقته المولوية، ومن أوصلهم الجديديون إلى قمة هرم الشأن العام المحلي.
إنها حقا فضيحة مدوية، بأن ثمة فنانا مغربيا من عيار مصطفى الجلبي، لم يبخل قط في الاستجابة إلى نداء الوطن، وإلى الدعوات التي وجهتها إليه السلطات بالجديدة، لأداء أعمال فنية في المناسبات الوطنية وغير الوطنية. هذا الفنان الذي التهمت النيران جسده وجسد شريكة حياته، والذي قضى نحبه إثر الإهمال الذي طاله، الإهمال الطبي، وإهمال المسؤولين من مختلف المستويات.
هذا، فهل يكفي لوحده ظهور مسؤولين من رتب معينة، دون غيرهم من المسؤولين والمعنيين، في مسرح النازلة، كرئيس الأمن الإقليمي، أو السلطات المحلية.. رغم أن سبب حضورهم كان هو الهاجس الأمني.. ؟!
ولماذا يكلف المسؤولون لدى السلطات الإقليمية والجماعية، وعن قطاع الثقافة والفن.. أنفسهم عناء الانتقال، إلى مدية أزمور، حوالي 15 كيلومترا شمال مدينة الجديدة، والتهافت على الكراسي الأمامية، لحضور فعاليات مهرجان "الملحونيات"..؟!
ولماذا لم يكلفوا أنفسهم، ولو من باب "السينما"، عناء الانتقال إلى المستشفى الإقليمي بالجديدة، الذي لا يبعد عن مقرات عملهم، وحتى عن إقاماتهم، إلا بمسافة لا تتعدى 10 دقائق، بغية الاطمئنان، ولو من باب "الرسميات"، على صحة الفنان المقتدر مصطفى الجلبي، الذي التهمت النيران جسده وجسد زوجته؟!
وما يثير حقا للغرابة والاستغراب، وفي الآن ذاته، للاستياء والاستنكار، أن الضحية وزوجته هما من تكلفا بإحضار سيارة أجرة من الحجم الكبير، أقلتهما في ظروف صعبة، مقابل 800 درهم، سدداها من مالهما الخاص، إلى مستشفى "موريزكو" (20 غشت)..!!
فما هو إذن دور المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، ومصلحة الشؤون الاجتماعية بعمالة إقليم الجديدة (..)؟!
فأين أين هي الخطابات والشعارات "المناسباتية" الرنانة، التي يرفعها المسؤولون، والذين يتسارعون للظهور أمام عدسات الكاميرات، والتقاط الصور، في المناسبات، وهم يوزعون المعونات.. ؟!
ألم تكشف فضيحة الممثل مصطفى الجبلي وزوجته، اللذين تخلى عنهما المسؤولون، عن زيف تلك الخطابات والشعارات الفضفاضة والجوفاء..؟!
إلى ذلك، فليعلم الجميع أن التاريخ يسجل.. وبالمناسبة، فالرحمة على عامل إقليم الجديدة الأسبق، محمد الفاسي الفهري، الرحمة عليه في حياته ومماته، بعد أن أنقذ، سنة 2002، حياة عميد شرطة من موت محقق، إثر إصابته بمرض عضال في الدماغ. حيث تكلف المسؤول الترابي الإقليمي بإجراء العملية الجراحية في مستشفى الشيخ زايد، بالرباط، كلفته من ماله الخاص حوالي 250000 درهم.
فالجديديون، وحتى هذا الموظف الأمني الذي أحيل على التقاعد، والذي كتب له عمر جديد، مازالوا يتذكرون العامل الأسبق، محمد الفاسي الفهري، الذي بصم بعطاءاته وب"إنسانيته"، مروره من على كرسي السلطة الإقليمية الأولى، بالطابق الأول من عمالة الجديدة.
هذا، وقد كان للجريدة اتصال هاتفي بالفنان المقتدر، مصطفى الجبلي. وكان ناشد قيد حياته، من هذا المنبر الملك محمد السادس بأن يشمله جلالته بعنايته المولوية، ودعا لجلالته ولأفراد الأسرة العلوية المجيدة بالصحة وطول العمر. وهذا ما كانت الجريدة أوردته في مقال صحفي تحت عنوان: "الفنان مصطفى الجلبي يناشد الملك.. بعد أن التهمته وزوجته النيران في انفجار بالجديدة".